هَل رَحلَ السيّاب ؟
الحديثُ عن الكيفيةِ التي يُمكن أن تعادَ
من خلالها قراءةُ السيّاب شاعراً في الظرف
الراهنِ ،وعلى مبعدةِ نصفِ قرنٍ من رحيله، يَفتحُ
السؤالَ أمامَ جُملةٍ من التناقضات التي تزخرُ بها دَخيلة الثقافة العراقية
،
يَرسَخُ
من هذه التناقضات ،منذ أن جالَ السيّابُ بعينيه مريضاً، دون أن تدنو إليه يدُ الدولة
من ناحية المواطنة ،أو أية مؤسسة معنية بالشأن الأدبي، باعتباره إسماً فاعلاً ذا حضور .
أن طبيعة الثقافة العراقية تَسربَ إليها الفَهمُ
القاصر:
عن كون المثقف : تميّزاً مناطقيّاً ، وليس
ذخيرة وطنية .
لقد عانى السيّاب كما عانى بلند الحيدري،وجان
دمو ،والبريكان ،ومحمود عبد الوهاب ، وسيعاني كذلك رهطٌ قادمٌ ليس أقل شأناً منهم ،
ستكون المعاناة في الطريقة التي يَفهمُ من خلالها الوسط الثقافي العراقي أهمية الرموز
التي تُحدثُ فارقاً معرفياً في النتاج الأدبي وحيّزه الأيديولوجي ،
دون هذا الرّتاج الإنساني، تَقعُ كل قراءةٍ
بقصدِ الإفادة أو التصويب في دائرة المتداول والعابر ، يَتعيّنُ على الثقافة العراقية
أولاً إعادة قراءة السيّاب شاهداً على قصورِ
الفَهم لدى المحيط الرسمي والاجتماعي لدَورِ المبُدع ، وجملة العقبات التي تحول دون
أن يكون للمبدعين من مثل السيّاب فسحة دخول الوعي الجمعي للمجتمع ، ومن ثم يُصار إلى تصدير السيّاب كمحرك فاعل ، أثبت قُدرَته على تطوير الذائقة الشّعرية بنفاذٍ
وديمومةٍ تعُزز مَلَكة الإنسان العربيّ .
واثق غازي